حسام فوزي جبر يكتب “رمضان” و”كورونا”

Loading

يالا الحزن أتي شهر رمضان هذا العام هادئًا، على غير عادته، حيث يشهد العالم كله وليس وطننا الغالي مصر إغلاقًا كبيرًا لأغلب الأماكن التي تذكرك بالشهر الكريم وذلك بسبب تفشي فيروس “كورونا” المستجد، الذي قضي على مشاهد رمضان المعروفة، إلا القليل، وللأسف أبرز هذه المظاهر هو غياب صلاة الجماعة للفروض في المساجد وهي ابرز العبادات بعد الصيام في هذا الشهر الفضيل.
ويشهد شهر رمضان في العادة مظاهر حيوية بين الصائمين، ما بين الأمور الروحانية والاجتماعية، ولكن “كورونا” سيجبرنا على صيام رمضان مختلف هذه المرة، خال من
الصلاة في المساجد، وخاصة صلاة التراويح، تعتبر من الظواهر البارزة في شهر رمضان، ولكن إغلاق المساجد، لمكافحة كورونا، سيجبر الصائمين على الاكتفاء بأداء الصلاة في المنازل ولعلها فرصة لتختلي بنفسك في خلوة مع رب العزة لتتقرب إليه بعيدًا عن اي صخب متمسكًا بإقامة الصلاة لوجهه هو سبحانه وتعالي لا من اجل صحبة المسجد وإكمال مظاهر رمضان، ومع سلبية الامر في ظاهره اري ايجابية في باطنه تقيس انت بها مدي الالتزام والارتباط بينك وبين عبادتك المخلصة لرب العزة تبارك وتعالي.
وصلاة التراويح والاعتكاف في المساجد، من أكثر الأنشطة الجماعية إقبالًا في شهر رمضان، ولكن وزارة الأوقاف المصرية شأنها كباقي الدول الإسلامية قررت تعليق كافة الأمور والأنشطة الجماعية فى رمضان، وكذلك حظرت إقامة الموائد فى محيط المساجد أو ملحقاتها، وللعلم وحسب معلوماتي المتواضعة صلاة التراويح مكانها الطبيعي هو المنزل فلم يرد عن رسول الله، اي نص ان صلاة التهجد او التراويح في جماعة في المسجد ولم يقم النبي بأدائها جماعة بل ورد حديث عن الرسول الكريم فيما معناه “خشيت ان تُفرض عليكم” وذلك بعدما قام بعض الصحابة بالصلاة خلفه في يومين من ايام الشهر الفضيل بالمسجد فلم يخرج النبي عليهم في اليوم الثالث وطلب منهم اداء الصلاة في بيوتهم ولسنا بأي حال من الأحوال افضل منه، ولو رجعنا للتاريخ لوجدنا ان الفاروق عمر بن الخطاب هو من بدأ خلال حكمه صلاة التراويح في جماعة وليس لها اي اصل في عهد النبي.
ولعل اكثر ما يحزننا جميعًا في رمضان هذا العام، هو غياب هذة التجمعات العائلية التي كانت تتخذ من رمضان فرصة كبيرة لصلة الأرحام والتواصل مع الأهل والأصدقاء، وأيضًا بكل اسف لن يشهد رمضان هذا العام أحد ابرز مظاهره وهي هذة التجمعات العائلية الكبيرة وتجمعات الإفطار بين العائلة والأصدقاء وذلك بسبب القوانين والإجراءات الاحترازية المفروضة من الدولة التي تفرض على الجميع البقاء في المنزل، وعدم الاختلاط فبكل أسف غير مسموح هذا العام ان تستضيف احد في منزلك حتي اقرب الأقربين وهذا من احلك وأجله وان كنت متأكد من حدوث بعض التجاوزات ولكنها ستكون في أضيق الحدود العائلية وأوصي حضراتكم جميعًا ونفسي بذلك وللعلم ان يُقاس حبك هذا العام بمأدبة أفطار فاخرة بل سيُقاس بحرصك علي صحة أقاربك وأصدقائك وأولادك.
نفتقد بسبب “كورونا” أيضًا هذا العام ما يمكن ان نسميه “خيم رمضان الإنسانية”، المسماة “موائد الرحمن”، وهي من ابرز من مظاهر رمضان الإنسانية الجميلة، فخيم الإفطار المجاني للفقراء، التي تقيمها منظمات خيرية عديدة وأشخاص وشركات وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، لن يتم إنشاؤها هذا الشهر، منعا للتجمعات، ولعل البديل لرجال الخير واضحة جلية في توزيع شنط او كراتين غذائية للمحتاجين من المتعففين الذين أضرتهم “كورونا” وأجلستهم في منازلهم بلا عمل، فعلي الجميع البحث عنهم وتوصيل المواد الغذائية إليهم علي سبيل الهدية بشكل لا يجرح مشاعرهم ويضمن لنا الثواب خلال موسم مُضاعفة الحسنات من رب العباد.
كما لن يشهد الشهر الفضيل هذا العام تلك البطولات الرياضية، التي تقام عادة في أيام وليالي رمضان، وتسمى “الدورات الرمضانية”، بين الفرق الشعبية بكرة القدم في العالم العربي بصفة عامة، وفي مصر المحروسة بصفة خاصة ولكن الملاعب ستكون خالية تمامًا هذا الشهر، وعلينا جميعًا أيضًا ايجاد البديل بحث اولادنا علي ممارسة شئ من التمرينات الرياضية المنزلية التي لن تكون بمتعة كرة القدم ولكن دعونا نمارس مع اولادنا دقائق من التدريبات الرياضية وخلق جو من المنافسة المنزلية ما بين رياضة ودين وثقافة حتي نفوز بحلاوة الشهر ما بين اعمال الدنيا والآخرة.
ورغم سلبيات “كورونا” وتأثيرها علي الشهر الفضيل هذا العام إلا ان هناك أمور إيجابية احدثتها “كورونا” ابرزها غياب هذا المنظر البشع والزحام الغير مبرر علي المقاهي والمطاعم عقب الإفطار وعلي تلك الأماكن التي تقيم سهرات السحور المتأخرة، والتي يكون فيها أشياء ابعد ما يكون عن الشهر المبارك من أغاني ورقص وعري وتمايل وبفضل الله ستتحول هذه السهرات إلى وجبات سحور داخل المنزل، بين أفراد العائلة الواحدة مصحوبة ومغلفة بجو عائلي رمضاني يكسوه الصفاء الديني والنفسي والقرب من الله وقرب الاسرة من بعضها البعض اكثر من اي وقت مضي.
وكذلك بفضل الله ثم “كورونا” لن يشهد شهر رمضان ما يسمونه أعمالًا فنية بالحجم المعتاد، بسبب توقف تصوير العديد من المسلسلات في الدول العربية، وفي مصر، ونتمنى ونرجوا ان تكون الأعمال المعروضة اعمال تتماشي مع الظروف الراهنة اعمال تعامل العقل المثقف وتبتعد عن تلك السيناريوهات المستهلكة الهابطة التي تصور مجتمعنا في ابشع صوره وان تكون اعمال مُختارة بعناية لتناسب الذوق المصري والعربي وتبعد عن هذا التندني الغير مبرر لعلها فرصة للجميع ليكون هو الرقيب علي أهل بيته فلا يسمح لهم بمشاهدة اعمال تساهم في تدني المستوي الثقافي العام ويختار لهم ومعهم ما يرتفع ويترتقي بمستوي تفكيرهم ويصب في مصلحتهم خاصة وأننا هذا العام مضطرين جميعًا للجلوس امام شاشة واحدة، وان كنت اتمني ان نقف ونجلس فقط امام قبلك واحدة متوجهين لرب العزة لقلوب صافية يملاؤها الثقة والأمل في عبور المحنة والأزمة ورفع البلاد ونيل الحسنيين في الدنيا والآخرة، ونغلق اجهزة التليفزيون نهائيًا خلال هذا الشهر ونتجه فيه بقلوبنا وعقولنا وكل جوارحنا إلي الله ليس إلا
رمضان كريم

عن حسام فوزي جبر

شاهد أيضاً

برعايه وزاره التضامن .. أضاحي العيد توزّع بعدل ورحمة.. الهلال الأحمر يصل بكرم العطاء لـ 20 ألف أسرة

متابعه – ندا حامد في مشهد يعكس قيم الإنسانية والتكافل المجتمعي، وبدعم مباشر من وزارة …