علي سطح دمشق التطلع للحب زمن الحرب

Loading

تونس

تماضر عيساوي

 

المهند كلثوم أو سلطان الياسمين كما لقب كشخصية العام لسنة 2017 هو ذلك المخرج  الذي يحمل سلاحه الكاميرا أينما ذهب و حل فتكاد تكون جزءا لا يتجزأ من حياته.

فهو ضابط السيناريو و مخرجه من الكلمات و الورقة الي الواقع و الصورة ومن عصارة أفكار السيناريست تصبح الفكرة روحا و نبضا .

 

مشوار مخرجنا حافل و مكلل بالنجاحات حيث تحصل على عشرات الجوائز و العديد من التكريمات في المسابقات العربية و العالمية و المحلية

وعلى الرغم من صغر سنه الا أن في جعبته الفنيه العديد من الاعمال المهمة فمن فيلمه الاول لماذا الى يلا نلعب ثم أمل إيمان حب ليصل الي فيلم كفى الذي أنهي به مشوار عمله في اوكرانيا التي عاش فيها أكثر من عشر سنوات أين درس فيه الاخراج التلفزيوني و السينمائي .

عاد مخرجنا الى أرض الوطن مع اندلاع الازمة السورية سنة 2011 بفيلمه البرزخ و الذي تناول فيه الحياة الفاصلة بين الموت و الحياة و الاسلاك الشائكة التي تفصل سوريا عن باقي العالم العربي ثم قام باخراج فيلم 29 شباط تلاها توتر عام 2014 ثم ياسمين سنة 2015 و أخيرا علي سطح دمشق .

شارك على سطح دمشق مؤخرا بأيام قرطاج السينماءية في دورتها الثامنة و العشرين و قد لاقى اعجاب الجمهور الذي توافد باعداد غفير لمتابعة الفيلم و قد كان له الأثر العميق عليهم في عرضين امتلات فيهما صالة العرض.

و في هذه النقطة لا بد من الاشادة بان أيام قرطاج السينمائية من أعرق المهرجانات الافريقية و العربية و مكسبها هو جودة الافلام المنتقية و جمهورها الذي يتجاوز مئتي متفرج.

 

على سطح دمشق الي من ظل حيا بالصدفة

 

على سطح دمشق هو فيلم قصير يدوم ستة و عشرين دقيقة حرص فيها السيناريست سامر محمد اسماعيل على ايصال قصة جيل يعيش الحرب فيختار اللجوء الي العالم الافتراضي بحثا عن الحب و الامل و التطلع الي عالم أجمل بعيدا عن الواقع المرير ففي وسط الحرب و القذائف تنشأ علاقة حب عبر الفايسبوك مملوءة بصدق العاطفة التي تدغدغ حواس الشابة لترحل بها الي وجدانية الحب و طيف الهوي الذي باتت تحيا به داخل بيتها المطالبة بان لا تغادره خوفا من التفجيرات و الاوضاع المتدهورة غير ان شوقها و تطلعها لمقابلة حبيبها الذي اختارت ان تتخيله كبطلها ميل جبسون و تحت الحاحها استطاعت اقناع والدتها المقعدة الملتاعة من الحرب غير ان الصدفة تلعب دورها عندما تعلن  ملشيات مسلحة ارهابية  القيام بعملية تفجير في نفس المكان

لتجد نفسها تسافر من موعد غرام لموعد لقاء مع جثث المواطنين الذين تعرضوا للقصف.

وأمام بشاعة المشهد تهرب لتصطدم بحبيبها الذي جاءها حاملا بيده زهرة التوليب و لتصدم بكونه مشوه الوجه فتختار الهروب راكضتا في ازقة الشام ثم الصعود الي احدي الاسطح.

فمن سطح عمارة تعبر الطبقات من السطح الي العمق و مع اصرار حبيبها على الوصال و ايصال وردته التي تمسك بها بالرغم من الانفجارات و الموتى و التعب و بعد القطع يعاد الوصل بينهما و تنشب بينهما علاقة حب و طاقة عبر خيط غير مرئي بل عبر محاولة صادقة للتعبير عن عاطفة صادقة بالرغم من الظروف المتوترة لتخرج العلاقة من اللاواقعي الي الواقع و لتصطدم بالعدد من العراقيل المميتة لهذا العشق.

و الجدير بالذكر بان الفيلم ارتكز على ابعاد اخري حاملا معه العديد من القضايا الظاهرة و الباطنة و المسقطات فبعد مشاهدته و التمعن فيه و التمتع بالموسيقى المشحونة بمختلف المشاعر و التي تختلف باختلاف و تسارع الاحداث و تشابكها خاصة بدخول السكيرين و التحرش بالبطلة و كيف كانت ردت فعل الحبيب و امام هذا المزيج من الشوق و الالم و الصراع و الاحداث المملوءة بالاستعطاف و القوة و الضعف نجد قراءة اخري من منضور الخاص.

على سطح دمشق هو صورة تعكس مباشرة وضع جيل محبط من الحرب اختار الهرب الي العالم الافتراضي لكن الفيلم في باطنه اراه يعتمد على الاسقاطات فسوريا هي البطلة التي تم الزج بها داخل بيتها منعزلة عن العالم لتعيش على امل العثور على الحب و الامل حتى و لو كان افتراضيا الي ان تقابل تلك الحرية التي كانت تناشدها الا انها تفاجا بانها حرية مشوهة مبنية على الكذب حتى و إن كان أصلها طيب و بعد خوفها منها تتصالح معها لكن للاسف لحظة المصالحة تتعمق العراقيل من خلال صعود المنظمات و الاحزاب المنادين بالاشتراكية و بالتمتع بجمال و ثروات سوريا و معهم برزوا ايضا الصعاليك المعربدين الذين ارادوا ايضا الاستفراد بسوريا لهم فقط الا انهم لم يعتقد انهم سيقتلون انفسهم بسبب الطمع و للاسف وادت معهم الحرية وبالرغم من ذلك بقت سوريا شامخة واقفة بخطى ثابتة حتي و لو كانت تحيا وسط الانفجارات فهي مقتنعة بقروب العودة للحرية الحقيقية المبنية علي الثقافة و الفن و الحظارة و الامل.

و لقد استطاع المخرج المتهند كلثوم ان ينقل السيناريو الى مشاهد تعكس الظروف التي يمر بها المجتمع بدقة و باقتضاب و باسلوب سريع و قد اعتني بادق التفاصيل حيث حاول في 26 دقيقة ان يوصل الرسالة بطريقة سلسة و مشوقة فاستطاع ان يجسد مشكلة عدم التواصل مع العالم الخارجي و رسم الخوف داخل قلوب الامهات و ايصال رسالة مهمة و هي ان العالم الافتراضي ايضا مبني على الكذب و الاهم هو ان البشاعة ليست شرط للابتعاد لان الافعال هي التي تعكس الصورة ليصبح الوحش اميرا في عين الحبيبة و ايضا نجد مشهد و لو كان سريع جدا لكنه معبر و هو شجار بين افراد العائلة بين رافض و مساند لمغادرة سوريا .

و في النهاية تبقي السينما تعيش بفضل الحياة التي تتمثل فيها فهي روح الخلد و المتنفس لايصال كل مايخالج النفس و لذلك تبقي من اهم الفنون على الرغم من انها تواجه في اغلب الاحيان ضغوطات حول مواضيع يتم تعريتها سواء كانت مواضيع اجتماعية او سياسية خاصة في هاته السنوات الاخيرة الي جانب بروز مشكلة اخرى و هي الانتماءات السياسية للفنانين و المخرجين و التي اصبحت تشكل مشكلة هامة امام العديد من الاعمال المهمة و التي تحكم اما بالفشل مسبقا او باقصاءه


عن bahirim

شاهد أيضاً

تكريمًا للدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي.. معرض الكتاب يحتفي بالسيرة الهلالية

متابعه – ندا حامد ضمن فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، استضاف الصالون الثقافي …