كتبت::سماح رضا
إلا أن المهرب غالباً ما يفر ويترك الناس عالقين في تلك الجزيرة ليومين أو ثلاثة أيام، حتى تصادفهم إحدى دوريات حرس الحدود التركية (الجندرما) وتنقلهم بقواربها للجانب التركي معلنة نهاية رحلة الهجرة العكسية لتلك العائلات أو لمن عَبَر قبلهم أو من سيأتي بعدهم من دول اللجوء الأوروبية إلى تركيا مجدداً.
بهذه التفاصيل الدقيقة بدأ حديث أحمد لـ “اقتصاد”، وهو اسم غير حقيقي لأحد السوريين، الذي خاض غمار تلك الرحلة عائداً مع زوجته الحامل وطفليه من ألمانيا إلى تركيا، بعد حوالي عامين من وصوله إليها، ودفعه مبلغ 5500 يورو ثمناً لما يسمى بـ “الحلم الأوروبي” على حد وصفه ووصف الكثير من السوريين الذي عبروا بحر إيجا والغابات الأوروبية على أمل الوصول إليه.
وتابع أحمد الذي غادر قبل شهر تقريباً مطار فرانكفورت في ألمانيا جواً إلى مطار العاصمة اليونانية أثينا: “إني نادم على تلك السنتين اللتين ذهبتا من عمري في ألمانيا”، مضيفاً: “لقد حصلت في ألمانيا على منزل وشهادة قيادة ومساعدة مالية لأسرتي وتمكنت من شراء سيارة، لكني لم أستطع التأقلم ولا الاندماج بالمجتمع الألماني، ولم أحظَ بمقعد لتعلم اللغة الألمانية ولا حتى على فرصة عمل، وهو ما أصابني بالملل واليأس، ودفعني لاتخاذ قرار العودة على أمل بدء حياة جديدة في تركيا مع أسرتي”.
وأضاف أحمد: “كنت أظن أني سأكون وحدي في رحلة الهجرة العكسية التي لم أدرس تفاصيلها وطريقها مسبقاً، إلا أني التقيت في محطات الباصات والقطارات وعلى الحدود اليونانية التركية بعشرات العائلات المتجهة إلى تركيا قادمة من عدة دول أوروبية منها فرنسا وألمانيا والسويد، عادت لأسباب مختلفة، أبرزها عدم التأقلم والاندماج مع الحياة الأوروبية أو الشوق للعائلة والأطفال واليأس من لم الشمل لمن حصل على حماية ثانوية في ألمانيا وحُرم من هذا الحق. ومنهم من قرر العودة بشكل غير شرعي بعد يأسه من الحصول على فيزا لزيارة ذويه وأهله في تركيا، بسبب رفض الحكومة التركية منح تأشيرات دخول للسوريين الذين لجؤوا لأوروبا”.
وقد ازدادت نسبة السوريين الراغبين بالعودة إلى تركيا، خصوصاً بعد التطورات الأخيرة التي طرأت على حياة السوريين هناك، وحصول الآلاف منهم على الجنسية التركية وتصاريح بالعمل وتسهيل فرص الاستثمار وتحسن الوضع التعليمي والصحي والاقتصادي .