يرى عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، الدكتور رأفت عثمان، أن هناك تقدما كبيرا من مؤسسة الأزهر الشريف فيما يتعلق بتجديد الخطاب الدينى، منتقدا ضعف كثير من مشايخ وأئمة وزارة الأوقاف وعدم امتلاكهم المنهج العلمى ما يؤثر على تجديد الخطاب.
وأكد عثمان فى حواره لـ«الشروق» عدم وجود من يحمل فكر تنظيم «داعش» الإرهابى داخل الأزهر، واتهم بعض الإعلاميين بالحرص على طمس دون المشيخة دون مبرر، معتبرا أن مهاجمى الدكتور أحمد الطيب لديهم خلل نفسى، وإلى نص الحوار..
* كيف ترى دور الأزهر فى تجديد الخطاب الدينى بعد دعوة الرئيس؟
ــ هناك تقدم كبير وليس هينا أن يقوم به الأزهر الشريف ومؤسساته نحو تجديد الخطاب الدينى، ويتضح ذلك من خلال المناهج الأزهرية التى طرأت عليها التعديلات وكذلك المسائل الخلافية التى كانت تشكل مسارا للجدل والخلاف بين العلماء قد تم استبعادها.
كما أن شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، يعقد عدة لقاءات ثقافية مع العديد من مؤسسات الدولة للمساهمة فى تفعيل الخطاب الدينى وتجديده، وأصدرت المشيخة عدة وثائق تبين منهج الإسلام الوسطى، وتجابه الدعوات التى تزعم أنه دين عنف واعتداءات، والأزهر يسعى جاهدا لتصحيح تلك المفاهيم الخاطئة محليا وخارجيا.
* لكن.. هل يقتصر تجديد الخطاب الدينى على الأزهر الشريف؟
ــ مسألة تجديد الخطاب الدينى ليست قاصرة على الأزهر، إنما واجبة على جميع مؤسسات الدولة والوزارات المعنية بالأمر، لمشاركة الأزهر والأوقاف فى القيام بهذا العبء الكبير.
* هل يتحمل الإعلام دورا ومسئولية لدعم تجديد الخطاب الدينى؟
ــ للأسف، بعض الإعلاميين يريدون طمس دور الأزهر ومواصلة الهجوم على مؤسساته من دون مبرر أو سبب، حتى ولو كان سببا واهيا، فبدلا من توجيه الانتقاد الحاد لتلك المؤسسة العريقة كان يجب على وسائل الإعلام أن تلعب دورا مهما فى إتاحة الفرصة لكبار هيئة العلماء بالأزهر الشريف، وكذلك أعضاء مجمع البحوث الإسلامية لنشر آرائهم فيما يعرض من أمور ومستجدات قد تشكل عراقيل أمام تجديد الخطاب الدينى، من أجل مجابهتها ورفع الوعى بين العقول، ولكن الملاحظ أن الكثير من وسائل الإعلام يهتم بالفتاوى الشاذة التى تسىء إلى الإسلام.
* هل تعول كثيرا على وزارة التربية والتعليم فى مساندة المؤسسات الدينية؟
ــ يجب أن تشكل مناهج التربية والتعليم دورا أساسيا فى مسألة تجديد الخطاب الدينى، من خلال الاهتمام بنشر مبادئ الاسلام والمعاملة السمحة بين عقول الطلاب والشباب، ودعوتهم لنبذ العنف وعدم القرب من إسالة الدماء، وهو ما يعضد من شأن تجديد الخطاب الدينى الذى نادى به الرئيس فى مواجهة الجماعات المتشددة.
* وكيف ترى دور وزارة الأوقاف فى هذا الأمر؟
ــ الكثير من المشايخ والأئمة التابعين لوزارة الأوقاف ضعيف فى أمور الدين ويفتى بقليل من العلم، وهذا ما يضر بالناس ويسىء إلى الأحكام الاسلامية.
* هل هناك أطرف بعينها وضعت عراقيل أمام تجديد الخطاب؟
ــ هناك جهات وجماعات تريد أن تهاجم الأزهر فى أية مناسبة، وهى تتخذ من تجديد الخطاب الدينى وسيلة للهجوم على الأزهر الشريف، على الرغم من أن الأزهر ليس مسئولا وحده عن ذلك، لكن الدولة كلها مسئولة.
كما أن وزارة الثقافة لا تهتم بالناحية الدينية على الإطلاق، وكذلك وزارة الشباب التى أصبح دورها مقتصرا على الكرة والألعاب الرياضية فقط بدلا من توعية الشباب بأمور الدين وغرس النواحى الخلقية بداخلهم لمواجهة الفكر المتطرف الذى يمثل خطورة على بلادنا.
* هل الأزهر مخترق؟
ــ لو افترضنا وجود بعض الشخصيات التى تنتمى لتيار الإخوان ومتواجدة حاليا فى الأزهر سواء من أعضاء هيئة التدريس فى المعاهد الأزهرية أو جامعات الأزهر، فإن ظنى أن هؤلاء تركوا هذا الفكر وابتعدوا عن نهج الإخوان والعنف، وتيقنوا أن هذا الفكر بعيد عن سماحة الإسلام.
* هل ترى أن تجديد الخطاب الدينى يأخذ مسارا بطيئا وفقا للظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة؟
ــ الخطاب الدينى ليس له علاقة بالتحرك الاقتصادى، لأن مفاهيم الدين تصل إلى الغنى والفقير، وكل من يريد الاقتناع والتشبث بها، وعلى الرغم من ذلك فإن هذا لا يعنى عدم قيام الدولة بمسئوليتها فى توفير المعيشة الجيدة لجميع أفراد الشعب، وهذه أمور بديهية فى العالم المتحضر وليست مطالب، وبالطبع هذه الإجراءات ضرورية وتمثل عاملا مساعدا فى تهيئة جميع فئات الشعب لتفهم الخطاب الدينى والتفاعل معه.
* هل هناك مخاوف من توغل ما يسمى بالفكر الداعشى داخل المجتمع المصرى؟
ــ صاحب الفكر الداعشى ليس مختبئا وراء أسوار كما يعتقد البعض، وإنما هو يريد أن ينشر فكره، ونحمد الله أن علماء الأزهر والمشايخ لم يظهر على أحد منهم ملامح ذلك الفكر المتطرف، فلا يوجد فى الأزهر من ينتمى لداعش.
فضلا عن ذلك الأزهر الشريف بتعاليمه ومؤسساته يغرس مبادئ الشريعة السمحة البعيدة عن العنف وسفك الدماء فى نفوس طلابه، وهذا أكبر دليل على قوة المؤسسات الدينية فى التصدى للفكر الداعشى.
* هل ترى أن هناك تطاولا على الإمام الأكبر فى الفترة الأخيرة؟
ــ نعم ألاحظ ذلك، على الرغم من أن المؤسسات العالمية ومن بينها المجلس الأوروبى والبرلمان الألمانى شهدت له كثيرا خلال اللقاءات التى جمعته بمسئوليها، فضلا عن لقائه مع بابا الفاتيكان، الذى أكد أن فضيلة الشيخ الطيب بعيد عن مظاهر الزهو والافتخار.
لذا، أتعجب من مواقف المنتقدين لشيخ الأزهر، فقد وفقه الله فى الدعوة إلى الإسلام وتوضيح محاسنه للدرجة التى يقول فيها رئيس البرلمان الألمانى له «لقد بينت لنا إسلاما لم نكن نعرفه قبل ذلك»، وهذا حديث صادر من زعماء الغرب، ولكن بعض النفوس التى يغلب عليها الهوى تريد أن تهاجم الطيب والأزهر ولا أدرى لماذا، فقد يكون لديهم خلل نفسى.