كتبت // سماح رضا
قال “وائل محمود محمد”، طالب جامعي، فتح قلبه على مدار ساعة كاملة لـصحيفة عربية، عقب نجاته من رحلة الموت على مركب الموت رشيد الغارق، وبدأ حديثه قائلاً إنّه دفع 20 ألف جنيه ديناً من زوج شقيقته ووعد بسدادها عقب نجاحه في دخول إيطاليا، وإنه توجه إلى رشيد بعد أن ترك بلدته في محافظة الفيوم عن طريق أحد السماسرة، وإنّ حلم الثراء الذي طرأ على صديقه “سامح”، الذي نجح في الهروب إلى إيطاليا قبل عام كان سبباً في دخوله تلك المغامرة.
تابع وائل في حواره: هدفي كان جمع الأموال لتشييد منزل على الطراز الإيطالي مثلما فعل صديقي “سامح” ، لكن حلمه هذا تحوّل إلى كابوس مفزع كان سيدفع ثمنه حياته. لكن حظه كان أفضل من عشرات غيره ابتلعهم البحر خلال الرحلة المشؤومة التي بدأت بزحام شديد. لكن موجات من الرعب اعترت الجميع، وكان العجز سيّد الموقف، وكان ظلام وغرق دون منقذ. إلى أين المَفر؟ لا أحد يعلم، فيما رجل يحتضن زوجته وطفلتيه، بهاتفه يحاول السيطرة على رعشة يديه و”طلب النجدة حتى ابتلعهم البحر”.
بحزن شديد يتحدث: ” عدد الركاب علي المركب تجاوز 400 فرد. وبعد تحركه بقرابة ساعتين انشق المركب لنصفين. كانت حينها الساعة تشير إلى الرابعة فجراً. اندفعت المياه لتغرق من عليه. بكاء الأطفال لم ينقطع.
عويل النساء لم يتوقف. ووسط البحر المفروش بالعائمين، كان “وائل” يضرب بيديه في المياه بكلّ طاقته للفرار من الموت. وعند شروق الشمس، بدا أنّ الناجين من الموت قد ابتعدوا مسافة كبيرة عن الغرقى، فسكنت الأجساد، واختفت الأصوات المعذبة، ولم يعد هناك ما يعوق السابحين عن استكمال السباحة حتى عثروا على مركب الإنقاذ. لم يُصدق “وائل” أنه لم يمت. وبعدها، تمّ اقتياد الناجين من الموت وعددهم 165 لعدة ساعات للوقوف على أسمائهم وتفاصيل الحادث”.
وبلغ عدد الجثث التي تمّ انتشالها 51، ولا تزال عمليات البحث جارية عن المفقودين المقدّرين بـ 100 فرد، بحسب شهود العيان. وتمّ حصر الناجين أنّ بينهم 114 مصرياً، منهم 7 مصابين و4 من طاقم المركب، بالإضافة إلى 46 أجنبياً”.