من أجل مصر … ليتعلم الغني من الفقير بقلم أحمد كشك

نعيش في واقع مرير لا يختلف عليه إثنين من حيث االحالة الإقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد وهي واضحة وضوح الشمس لا تحتاج لبرهان ، فمن ارتفاع الأسعار الجنوني الذي لا حد له ولا أحد قادر حتى الآن على ايقافه ، إلى الفساد المستشري والذي تغلغل في كل أنحاء البلاد ، إلى انعدام الضمير عند كثير من التجار والمستوردين ، إلى المحسوبية التي قضت على آمال وطموحات الكثير من أبناء هذا الوطن ، وأكثر من ذلك وحدث ولا حرج .
لكن في ظل هذا الجو الملبد بكل هذه المشاكل والمصاعب ترى فريقا من الناس هم أكثر من تضرروا من هذا كله وخاصة ارتفاع الأسعار الرهيب الذي طال معظم متطلبات الحياة الأساسية والهامة وما يحتاجون إليه لنيل حياه كريمة ،وجعل من الصعوبة الحصول على أقل الحقوق التي ينبغي الحصول عليها من التعليم والصحة والدواء ، وزاد الأمر صعوبة قلة فرص العمل وقلة الدخل الذي يحصلون عليه في المقابل مقارنة بهذه الأسعار وهو الدخل الذي أصبح لا يكفي لنصف الشهر حتى اضطر أن يلجأ أحدهم للاستدانة وهو ما يثقل كاهله وينتهي به الأمر أن تتراكم عليه الديون يوما بعد يوم فلا ينام الليل من هذا الهم الكبير.
هؤلاء تراهم وهم في ظل هذه الأجواء العنيفة التي تجابههم يضربون أروع الدروس والأمثلة في الصبر والإيمان وحب بلادهم ، فلا تجد لهم أي انتماءات سياسية ولا حزبية مقيتة تضر بمصالح بلادهم ولا يدينون بطاعة عمياء لأصحاب الأجندات الخارجية ولا للخونة بالداخل من المتآمرين على بلادهم ولا يستطيع أحد يملي عليهم أمرا أو نهيا أيا من كان ، ولا ينتهزون الفرص لكنز الأموال والحصول على الكراسي والمناصب فلا هم انتهازيين ولا وصوليين ولا متسلقين ولا نفعيين أبدا ولو دققت النظر جيدا لرأيتهم كالصخور واقفين صامدين مع أوطانهم يدافعون عنها بكل ما أوتوا من قوة بالرغم مما قد ينالوه من السخرية والاستهزاء والأذية لا بالاتهامات التي لا حد لها ، وترى فيهم شهامة أولاد البلد وشجاعتهم ووطنيتهم فيرفضون بكل قوة أي ناعق مخرب يدعوا للمظاهرات والاعتصامات من أجل نشر الفوضى والإخلال بأمن واستقرار بلادهم ، فهؤلاء حب الوطن عندهم لا يقاس بالمال ولا الفرص ولا الوظائف ، ولا يهزمهم الفقر والحاجة التي يعانون منها عن الدفاع عن أوطانهم ، وإنما شغلهم الشاغل سلامة وأمن بلادهم ، ولو دققت جيدا لوجدت عقيدة تملأ قلوبهم لم نراها في تجار الدين ممن تزعموا الدعوة وانتشر سيطهم بين البلاد وهم أنفسهم الذين أساؤوا للدين بجهلهم وغرورهم وكبرهم وطمعهم وقادوا البلاد والعباد لأسوأ النتائج بأفكارهم
لكن الغريب في الأمر أن هؤلاء الذين أتحدث عنهم هم فقراء المجتمع وشتان بينهم وبين أصحاب الأموال والوظائف المرموقة والمرتبات العالية ممن امتلأت جيوبهم وخزائنهم وأرصدهم بالأموال ولكنهم أكثر الناس تذمرا على قدر الله ولا حول ولا قوة الا بالله حين ترى الفقير يقول الحمد الله على كل حال وإن شاء الله ويؤمن بأن الله سيفرج الكرب قريبا ويدعوا بذلك وترى الغني متذمرا ضاجرا يشكوا أمر الشكوى من الظروف والأحوال وبالكاد تراه يحسب زكاة أمواله ليخرجها بأقل من قدرها الشرعي وغير ذلك مع العلم أن بعضهم يمتلك ما إن أراد أن ينفقه لا يستطيع من كثرة أمواله
إننا نحتاج لقلوب مثل قلوب الفقراء محبه لأوطانها صابرة على ما تمر به من أزمات ونحتاج إلى أن يخرج الغني زكاة أمواله كاملة بالقدر المعلوم شرعا في مصارفها الشرعية فلو أنه تم ذلك لتبدل الحال باذن الله تعالى للأفضل .

عن حسام فوزي جبر

شاهد أيضاً

أهم أدعية العشر الأواخر من رمضان

بدأت أولى ليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان 2023 وهي ليلة 20 من رمضان وتستمر …