كتب – صفوت عمارة
الحمد لله الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصي، وأراه من آياته الكبرى، أكرمه بمعجزة الإسراء والمعراج، وعوضه عن جفاء المعارضين بحفاوة أهل السماء المقربين، وخفف بها ألمه، وأذهب حزنه، وأعلى شأنه، ورفع منزلته :(فكان قاب قوسين أو أدنى).
وما بلغ تلك المرتبة الرفيعة إلا بحسن عبادته لربه، وإمتثال أمره، قال الله تعالي: ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (سورة الإسراء :1) ، لقد كانت الرحلتان مكافاءة وكأنه سبحانه وتعالي أراد أن يقول له يا ( محمد ) أذا كان أهل الارض أغلقوا الابواب في وجهك فإن أبواب السماء مفتوحة لك، وتعرض النبي صلي الله عليه وسلم لألوان من التعذيب والإيذاء والكثير من المحن والشدائد، ففي مكه قبيل الإسراء والمعراج كان عام الحزن، وهو العام الذي فقد فيه السيدة خديجة رضى الله عنها وهي التى آوته عندما إنصرف عنه الناس و أعطته عندما حرمه الناس وخففت من روعه عندما نزل عليه الوحي فقالت والله لن يخذلك الله أبدا ولن يخذيك إنك لتصل الرحم وتكسب المعدوم وتنصر المظلوم؛ ثم فقد عمه أبو طالب الذي ذهب اليه يومًا فقال يابن أخي لاتحملني من الأمر مالا أطيق، فقال له صلى الله عليه وسلم ” والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري علي أن أترك هذا الأمر ماتركته وكانت قولته ” والله لن أسلمك اليهم ابدا “.
وتوجه النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك الي الطائف عله يجد أرضا خصبة لنشر دعوته إلا أنهم كانوا أكثر غلظة وحينها رفع النبي صلى الله عليه وسلم أكف الضراعة الي الله العظيم قائلاً ” اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني علي الناس يارب العالمين إلهي إلي من تكلني إلي ضعيف يتجهمني أم إلي بعيد ملكته أمري إن لم يك بك غضب علي فلا أبالي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا ولا حول ولا قوة الا بك ”
الدروس المستفادة من الإسراء والمعراج : أن المنح تولد من رحم المحن وان مع العسر يسرا فالدرس الأول من قلب المحن كانت المنح من الله تثبيتا لقلبه صلي الله عليه وسلم، الذي أكد أن بعد العسر يسرا وان النور حتما يأتي بعد الظلام ، والدرس الثاني أن الإسلام دين الفطرة فقد عرض اللبن والخمر علي النبي فشرب اللبن فقال له جبريل لقد أصبت الفطره ولو شربت الخمر لغوت أمتك، والدرس الثالث حادثه الاسراء والمعراج بينت أن مقام العبوديه هو من أعلي المقامات قال العلماء في قوله تعالى “بعبده” لو كان للنبي صلى الله عليه وسلم اسم أشرف منه لسماه به في تلك الحالة العلية ففي عبادة الله عز وجل شرف الدنيا وفوز الآخرة، وهي تكسب المرء وقارًا وهيبة، وتجعل له في قلوب الناس قبولًا ومحبة، والدرس الرابع أن الصلوات الخمس شرعت فيه شرعها الله لتكون معراجًا يرقى بالناس كلما تدلت بهم شهوات النفوس وأعراض الدنيا، فالصلاة صلة بين العبد وربه، وتقوى إيمانه وتنهاه عن الفحشاء والمنكر والدرس الخامس نلمح أواصر القربى بين الأنبياء كلهم الذين أمرنا الله بالأيمان بهم جميعا وهم الذى بادلوا النبى التحيات والدعوات
قائلين : مرحبا بالأخ الصالح والنبى الصالح، والدرس السادس صلاه النبى صلى الله عليه وسلم بالأنبياء إماما، تدل على وحدة الأنبياء فى دعوتهم فالكل جاء بالتوحيد الخالص من عند الله تعالى وأيضا تدل على أن النبوه والرسالة قد انقطعت فلا نبوة ولا رسالة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدرس السابع أن المسجد الأقصى له، مكانة في قلوب المسلمين فهو من تشد إليه الرحال وهو قبلة المسلمين الاولي. وفي معراجه رأي رسول الله صلي الله عليه وسلم من آيات ربه الكبرى.