بقلم – هويدا عزت
تستخدم الألوان في العديد من الأشياء الحياتية اليومية، فهي تستخدام بكثرة في إشارات المرور، واللوحات الإرشادية، والمتاجر، والمطاعم، والمستشفيات، والمدارس، وغيرها.
ويقول علماء النفس أن الألوان ليست مجرد موجات واهتزازات ضوئية فحسب؛ بل هي ذات تأثير كبير على السلوك البشري، وعلى الحالة المزاجية والمشاعر بشكل إيجابي أو سلبي.
وقد استخدام الأنسان الألوان منذ القدم، فقد ربط الأطباء عند المصريون القدماء بين الألوان وشفاء بعض الأمراض، وفي العصر الحديث استخدم الأطباء الألوان في تعزيز قدرات المرضى على الشفاء، كما أن الأطباء في العمليات الجراحية يرتدون الألوان التي تعمل على تخفيف الألم عن مرضاهم، ومنحهم الإحساس بالبهجة والسرور.
وترتبط الألوان بالثقافة والدين، ففي دراسة عبر الثقافات، وجد الباحثون أن اللون الأزرق هو اللون المفضل بشكل عام عبر الثقافات، وأن اللون البرتقالي هو أكثر الألوان قداسة في الهند، وينظر المسلمون إلى اللون الأخضر على أنه لون مقدس، واللونان الأحمر والأبيض يمثل القلب المقدس للكنيسة الكاثوليكية في المكسيك.
وأتخذت الدول الالوان رمزًا سياسيًا لكيانها مثل ( علم الدولة )، وذهبت بعض الدول أبعد من ذلك، حيث قامت مدينة غلاسكو في اسكوتلندا بتغيير لون مصابيح الإنارة في الشوارع إلى اللون الأزرق، وذلك في مسعى إلى تخفيض عدد الجرائم وحالات الانتحار في المدينة، وقد كانت النتائج أن معدل الجريمة قد انخفض بشكل ملحوظ في المناطق المنارة باللون الأزرق، كذلك حذت اليابان حذو اسكتلندا، وذلك بإنارة أحد الشوارع باللون الأزرق ووجدت أن عدد الجرائم قد انخفض.
وفي المجال التربوي والتعليمي يختلف استخدام الألوان باختلاف الشيء المراد توضيحه وإبرازه باللون، وباختلاف الفئة العمرية المستهدفة، وباختلاف مقدار التفاصيل والتعقيد الصوري، لذلك نجد أن هناك اختلافًا كبيرًا في استخدام الرسوم التوضيحية من استخدام رسوم خطية بسيطة إلى استخدام الألوان في توضيح بعض الأجزاء وفي توضيح بعض المفاهيم المعقدة.
ولم يكن علماء الإدارة بعيدين عن استخدام الألوان في النظريات الإدارية، فإستخدام الألوان شائع في العلوم الإدارية، حيث توصلوا إلى أن طاقة الألوان تؤثر على البشر بشكل لا إرادي، وأن لون المنتج يؤثر على سلوك المستهلك وقراره في الشراء، كما أنه يؤثر على إدراكه للمنتج سواء كان التأثير إيجابي أو سلبي.
وأن تأثير الألوان في عالم التسويق والمبيعات لا يقتصر على اختيار درجات جميلة للألوان بل واستخدام الألوان المناسبة في التسويق، والتي تعتمد على سيكولوجية الألوان مع دراسة سيكولوجية المستهلك المستهدف للمنتج أو الشيء المراد تسويقه.
وجد الباحثون دراسة بعنوان أثر الألوان على التسويق وهي أن “90%” من الأحكام السريعة للمنتجات مبنية على اللون فقط، وأكدت دراسة أخرى بعنوان “الأحمر المثير والأزرق المختص” أن نية الشراء تتأثر بشكل كبير بالألوان لتأثيرها على رؤية وفهم العلامة التجارية.
وعندما بدأت شركة النفط الرائدة “شل” نشر محطات الوقود التابعة لها بولاية “كاليفورنيا” في عام 1915 حرصت على اختيار الألوان البراقة الملفتة لتمييز علامتها عن منافسيها.
كما أن للألوان تأثيرًا كبيرًا في التحفيز النفسي والعاطفي لدى الإنسان، وإعطاءة الطاقة الإيجابية، فيمكن لبعض الألوان أن تحفز مشاعر معينة ويكون لها تأثير كبير في مكان العمل، وعلى إنتاجية العاملين، وصحتهم، وتركيزهم، وإبداعهم.
لذا، ينصح خبراء الموارد البشرية بإستخدام اللون الأخضر في تأثيث مكاتب العاملين، ووضع نباتات خضراء بداخل مكاتبهم لإعطائهم مشاعر إيجابية وإمدادهم بالراحة، والانسجام، والنشاط.
يذكر أن الدكتوره ” هويدا عزت ” باحثة وكاتبة في العلوم الإنسانية وفلسفة الإدارة