كتبت // سماح رضا
أكدت دراسة علمية فرنسية نشرت الثلاثاء بأن ظاهرة البدانة بدأت تتحول إلى أزمة تجتاح المجتمع الفرنسي نتيجة ارتفاعها بنسب كبيرة وسريعة خاصة وسط الطبقات المتوسطة والفقيرة، ففرنسي من اثنين فوق الثلاثين عاما يعانون من السمنة المفرطة.
هل للبدانة علاقة بالوضع الاجتماعي للفرنسيين؟ الجواب نعم وفق دراسة علمية فرنسية نشرت الثلاثاء 25 أكتوبر/تشرين الأول في النشرة الوبائية الأسبوعية للصحة العمومية بفرنسا (le Bulletin épidémiologique hebdomadaire)، والتي ربطت بين الفقر وزيادة الوزن المفرطة لتدق ناقوس الخطر بشأن هذه الظاهرة التي بدأت تتحول لأزمة في المجتمع الفرنسي خاصة وسط الفئة المتوسطة والفقيرة.
هذه الدراسة الأولى من نوعها من حيث المنهجية وحجم العينات المختارة في فرنسا، جاءت ضمن برنامج علمي أطلقته السلطات الفرنسية عام 2012 بالتعاون مع المعهد الوطني للصحة والبحث الطبي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للعمال الأجراء la Caisse nationale de l’assurance-maladie des travailleurs salariés (Cnamts)للموظفين؟
وتناولت الدراسة المجتمع الفرنسي بمختلف طبقاته، حيث شملت أكثر من 110 ألف عينة، ثم انتقى منها الباحثون 29 ألف فرنسي تتراوح أعمارهم بين 30 و60 عاما في 2013، موزعون مناصفة بين الرجال والنساء، ومتابعتهم على مدار سنوات ليقوموا في كل مرة بقياس مستوى البدانة انطلاقا من مؤشر الوزن والطول مع تقدمهم في السن وتغير وضعهم الاجتماعي.
سمنة مرتبطة بالدخل والوضع الاجتماعي
وخلصت الدراسة إلى وجود اختلاف بين النساء والرجال، حيث 41 بالمئة من الرجال يعانون من زيادة الوزن، و15,8 من السمنة المفرطة، مقابل 25,3 و15,6 على التوالي للنساء. ودون تحديد الأسباب الرئيسية لهذا الاختلاف بين الجنسين، رجحت الدراسة بأن يكون للعامل الثقافي والاجتماعي دور فيه، حيث تقترن بالمرأة البدينة، أكثر من الرجل البدين، صورة سيئة في المخيلة الجماعية.
اختلاف ظهر كذلك بين المناطق والمدن الكبرى، حيث ترتفع نسبة البدانة عند سكان الشمال على غرار منطقة ليل حيث تسجل أعلى نسبة بدانة على المستوى الوطني، 25 بالمئة من سكانها بدينون، بينما تنخفض النسبة في المدن الكبرى على غرار العاصمة باريس التي تسجل أدنى نسبة وطنيا (10,7 بالمئة فقط من السكان)، وكذلك مدينة ليون (ثاني أكبر مدينة في فرنسا) حيث تسجل نسبة 12,3 بالمئة، و مدينة تولوز جنوب فرنسا التي تسجل 13,3 بالمئة.
الفرنسيون ليسوا على قدم المساواة أيضا اعتمادا على دخلهم، حيث أظهرت النتائج أن معدل البدانة يرتبط سلبا بالوضع الاجتماعي والاقتصادي. فـ 30٪ بين النساء ذوات دخل شهري أقل من 450 يورو يعانين من السمنة المفرطة، بينما تنخفض هذه النسبة إلى 7٪ بالنسبة للواتي يتقاضين 4200 يورو شهريا. وعند الرجال أيضا ترتبط السمنة المفرطة بالموارد المالية.
ورغم هذه الحالة المثيرة للقلق بسبب ارتفاع نسبة السمنة عند الفرنسيين، لكن تبقى فرنسا أحسن وضعا مقارنة بجيرانها الأوروبيين من حيث متوسط نسبة البدانة ، فحسب آخر أرقام نشرها مكتب الإحصاءات للاتحاد الأوروبي، تحتل فرنسا المرتبة الـ10 بين دول الاتحاد الـ27، بينما تختتم رومانيا قائمة التصنيف الأوروبي بـ9.4 فقط من البدينين (9,1 عند الرجال و9,7 لدى النساء).