بقلم أ.د – وليد يحيي
الارهاب الان اصبح واقعا ملموسا في كافة المجتمعات الانسانية علي كوكب الارض مهما اختلفت درجة ثقافتها او تحضرها او كانت درجة قوة ونمو اقتصادها ، ليس ذلك فقط بل ان الارهاب وافكاره تنتشر بقوة وبسرعة رهيبة كانتشار النار في الهشيم خصوصا تحت وطاة الفقر والاكتئاب والبطالة والفراغ القاتل الذي يمليء حياة الكثير من الشباب الي جانب الخواء الثقافي والخلل في المنظومة التعليمية التي لا تخلق عقلا مفكرا قادرا علي الفهم والادراك والوصول الي الحقائق ودحض الباطل الي جانب عدم الوسطية والاعتدال في الفكر والثقافة الدينية لعدم وجود القائد الديني السمح الذي يدعوا باخلاق الدين الحقيقية التي تحترم اولا الانسانية بالاضافة لعدم نمو وتوافر الوازع الاخلاقي الذي يصيب الكثير من الشباب حاليا نتيجة لانشغال رب الاسرة ويمكن الام ايضا في السباق علي لقمة العيش لتوفير القدر اليسير من متطلبات الحياة ليظلوا علي قيد الحياة .
والارهاب في اقرب تعريف هو عبارة عن أي فعل اوعمل يتم بغرض فرض وجهة نظر او فرض معايير او قيم بمنطق القوة وزرع الخوف في نفوس المحيطين او هو أي فعل او قول يحاول مرتكبه من خلال بث الرعب والخوف في نفس خصمه مع استخدام اساليب وطرق وحشية تخالف القيم الانسانية والقوانين الدولية والقواعد القومية والعرفية والارهاب يمكن ان يكون ارهابا فكريا او ارهابا جسدينا او ارهابا نفسيا والارهاب اما ان يكون وسيلة تضغط بها جماعة معينة علي حكومات دول اوالعكس يمكن ان تسنخدمه حكومات ضد اقليات معينة او طوائف معينة او تسخدمه دولة ضد دولة اخري .،
والاكثر عنفا وارهابا عندما تتحول هذه الاساليب او الافعال الي طبيعة مسلحة وتفجيرية وتدميرية تحت غفلة وحلم ممسوخ ان الجنة في نهاية هذا الطريق يتم الضحك به والتلاعب بعقول ناقصي الايمان متزعزعي العقيدة ضعاف النفوس جهلة الفكر .
ولكي نكون اكثر انصافا نجد ان كثيرا من الديانات ان لم يكن جميعها علي مدار التاريخ الماضي كله من عمر الانسانية انجبت من رحمها وانكشف مخاضها عن الكثير من الارهابيين الذين ظنوا انفسهم قادة وفاتحين وعباقرة سيغيرون مجري التاريخ ويعيدوا رسم خرائط الكون وتعديل حدود الدول وتغير مسار الانهار وان الله من عرشه اعطاهم الامر والعقد بحمل السيف او المعول لازالة حضارات واجناس من البشرية وكم اسيء بسببهم الكثير من الدول والافراد الذين لا حول لهم ولا قوة .
ولكن للاسف نجد الان ان الفصيل الاكثر صوتا ونباحا في عالم الارهاب الاسود والفصيل الاكثر بشاعة وبثا للعنف والخوف والتدمير وعدم احترام قواعد وقيم الانسانية التي خلق الله بها العباد هم من يحملون رايات الاسلام ويتخذوا منه شعارا وعلامات وشارات الي جانب حمل شعارات تلعب علي اوتار الديانة مثل الجهاد الاسلامي واقامة الخلافة والعودة للاسلام والاسلام هو الحل ودولة الخلافة وغيرها من الالفاظ والاسماء الرنانة وتلك التنظيمات الارهابية الان هي الاكثر ضراوة وعنفا وعدوانية وارهابا لكل البشر وتلذذ بتعذيب وازهاق الارواح
والتطرف والارهاب هو في الاصل موقف فكري وشخصي بحت نابع من نفس شخص مزعزع نفسيا يبدا صغيرا كاختلاف في الراي ورؤية الوضع بالمعكوس والنظر للنصف الفارغ من الكوب وينتهي بالعنف والتدمير والقتل واثارة الفتن والرغبة في الانتقام وتكفير المجتمع والرغبة في تدمير كل شيء وكل ماهو جميل من حوله ويمكن ان يصل هذا الي الاضرار والانتقام من اقرب الناس اليه وازهاق ارواحهم وروحه معهم اعتقادا منه انه بذلك يرضي الله .
ولذلك يجب علي المجتمعات عموما ان تعي وتدرك هذه النقطة وان تكون الاجهزة الامنية بالمرصاد دائما لهؤلاء الارهابيين والتعامل معهم والوصول الي بؤرات الارهاب في عقر دارهم لمنعهم من اصطياد الشباب الضعيف البائس او الباحث عن عمل وعن قيمة وقليل الخبرة وبالتالي انقاذ كثير جدا من الارواح وانقاذ شباب المجتمع الذين هم زهوره المتفتحة وراس ماله قبل فوات الاوان .
والحل الامني للارهاب ليس هو الحل الوحيد او القادر علي واد الارهاب وانهائه ولكن يجب علي المجتمعات والمثقفين وخبراء السلوك وعلم النفس دراسات ميدانية كثيرة لاستخراج نقاط الضعف في المجتمع وفئاته وبالذات فئة الشباب والتي تجعلهم منقادين عمي الابصار والقلوب في يد هؤلاء الارهابيين .
ايضا يجب زيادة الوعي الثقافي وبرامج التدريب والتاهيل والبرامج الاعلامية الموجهة لتثقيف الشباب وتوعيته بدوره وقيمته في المجتمع الي جانب الاهتمام باراء الشباب ومحاولة ادماجهم في كل المراكز ومصادر صنع القرار وجعلهم الصف الثاني والثالث للقيادة ليشعروا بفخر مجتمعهم بهم وانهم الاهم وجزء لا يتجزا من المجتمع .
ايضا يجب دراسة الابعاد الاقتصادية والثقافية لظاهرة الارهاب وزيادة معدل العنف والجريمة وسهولة التضحية بالنفس لمن يلبسون احزمة ناسفة او يستقلون عربات مفخخة ويقتنعون تماما بالتطرف الديني وتكفير طوائف المجتمع وذلك عن طريق ايجاد حلول واقعية لمشاكل البطالة والفقر والعشوائيات والتسرب من التعليم واطفال الشوارع
والجدير بالذكر ، ان ضياع الامن والامان او التفريط في جانب الامن جريمة كبري في حق المجتمع فمن ضاع منه الامن عاش في خوف ورهبة وقلق واضطراب فبدون الامن لا يمكن ان يعيش الافراد ولا يمكن ان يتقدم مجتمع وانفلات الامن هو فتح لبوابة الفتن والهلاك والرغبة في الاهواء والتناحر والتشاجر وحب الذات وبالتالي فساد المجتمع وتدميره وهو اساس لكل الشرور فيجب علينا جميعا المحافظة علي نعمة الامن والامان .
المشكلة في اذدياد وتنامي ويتساقط يوما بعد يوم من الشهداء الابرار من رجال القوات المسلحة او الشرطة او المواطنين العديد برصاص الغدر والخيانة والارهاب لا يفرق بين رجل شرطة او جيش او مواطن او بين طفل وشيخ او شاب وشابة او رجل وامراة او بين مسلم او مسيحي فالكل تحت نيرانه نفس الشخص يتقتنص ارواحهم بجهله ورغبته في التدمير والانتقام .
كل المواطنين والمثقفين والاعلاميين ورجال الدين مسئولين امام انفسهم ووطنهم في المشاركة والتوعية والتنوير لظاهرة الارهاب وخطرها علي المجتمع ليمكنا العودة جميعا بالوطن الي بر الامان .