بقلم محمد اشرف
منذ أيام قلائل تقلد الدكتور محمد عثمان الخشت رئاسة أعرق جامعة في مصر والعالم العربي ، التي تخرج منها عباقرة العلم والفكر والثقافة، أمثال العبقري نجيب محفوظ صاحب جائزة توبل في الأداب ، والفيلسوف المصري زكي نجيب محمود ، وعميد الأدب العربي طه حسين الذي رشح لجائزة نوبل، وسميرة موسي عالمة الذرة المصرية التي حصلت على بكالوريوس العلوم من جامعة القاهرة، وغير هم الكثير من أصجاب الفكر والرأي والثقافة ، ومن ضمن هؤلاء الذين تخرجوا من هذه الجامعة العريقة الأستاذ الدكتور محمد عثمان الخشت ، الفيلسوف المصري، المولود في 1 يناير 1964 الذي حصل على الدكتوراه ثم الاستاذية في فلسفة الدين ، والذي يعده جمهرة الباحثين أنه رائد فلسفة الدين في العالم العربي، لا سيما أنه استطاع التمييز بين العناصر العقلانية وغير العقلانية في الأديان، مستندا إلى المنهج العقلاني النقدي، في كتابه “المعقول واللامعقول في الأديان” ، وكتابه “تطور الأديان”، وكتابه ” نحو تأسيس عصر ديني جديد”، وكتابه “العقل وما بعد الطبيعة”، وموسوعته “معجم الأديان العالمية”، والذي تم تصنيفه من كرسي اليونسكو للفلسفة ضمن الفلاسفة العرب المعاصرين في “موسوعة الفلاسفة العرب المعاصرين” الصادرة عن كرسي اليونسكو للفلسفة 2017.، وصاحب الرؤية العبقرية الجديدة في تفكيك الخطاب الديني من خلال كتابه نحو تأسيس عصر ديني جديد ،والذي يري فيه أنه لا بد من التحول من مرحلة «الوعظ والإدهاش» إلى مرحلة «الفكر والتفكر»، لأن الوعظ بهذه الطريقة ليست له أية نتائج إيجابية، فشعبنا «المتدين بطبعه» سلوكياته يعرفها الجميع! وهذا يعنى أنه توجد مشاكل فى طرق التفكير المحركة للناس، وتوجد إشكاليات فى طريقة فهمهم لروح الإسلام ومقاصده وما يريده من الناس، ولا بد من قيادة الجمهور نحو إعمال الفكر والعقل فى كل قضايانا ، والذي يوضح فيه أن النص حمال أوجه، لكن المعانى ليست مفتوحة بلا قيد ولا شرط، ومرونة النص فى كثير من مواضعه لا تعنى أنه لا توجد معان محكمة وموضوعية، ولا تعنى النسبية المطلقة للمعنى، ولا تستلزم ضياع الدلالة وسيولة المقاصد والأحكام، بل تعنى أن النص «حى وديناميكى»، وليس ميتاً أو استاتيكياً. وتوجد قواعد وشروط لاستخراج المعنى، كما توجد مناهج علمية لطريقة إنزاله على الوقائع المتغيرة. فكلمات النص واضحة ومباشرة فى الآيات المحكمات، أما الآيات المتشابهات فهى التى تجعل النص متجدداً لملائمة تغير الزمان والمكان، وهنا دور الراسخين فى العلم الذين يملكون شروط الاجتهاد واستنباط الأحكام. ومن خلال هذا العرض لفكر الدكتور الخشت فإني أري انه رجل المرحلة بفهمه العميق ورؤيتة الواضحة العبقرية ،المؤسسة نحو الفهم الصحيح للدين وفهم ومقاصده وكيف أنه منهج حياة ، والعودة به إلي نقائه الأصلي ، وهذه القضية أقصد قضية تجديد الخطاب الديني، طالما طالب بها المحسوبون علي الثقافة والفكر ،وهم هم يهاجمون الدكتور الخشت في رئاسته لجامعة القاهرة ،إذن فأي تجديد يريدون ،هل تجديد بهدم التراث بالكلية أم تجديد بالكلام دون الرؤية ، وهل لو كا ن تجديدهم يعتمد علي الهدم فهل بحثو ا عن المنهج العلمي في النقد وايجاد البديل ، اذن ومن خلال النظر في فكر الدكتور الخشت ، وجدنا الإتزان المعرفي والقيمي فما يعرض من رؤي من خلال منهجية بحثية أصيلة ، وصاحب الرؤية حتمًا ولابد أن تنتظر منه التطور والتقدم ، فجامعة القاهرة تسير نحو طريقها الصحيح من خلال فيلسوف يفكر وعقل يبدع .