بقلم
زين العابدين خليفه
محاولة لفهم ما جرى
من ساعة ما سمعنا كلنا خبر الهجوم الارهابي البربري على مسجد الروضة في شمال سينا وانا بحاول أفهم اللي حصل ..
بحاول أحط نفسي مكان اللي خطط واللي أمر واللي نفذ العملية الشنيعة دي ، بحاول أعرف إيه أسبابه ودوافعه ؟ وإيه نتائج اللي عمله وتداعياته على الأرض .. بل وإيه المكاسب اللي ممكن تحصل من وراه من وجهة نظر الإرهابيين !!
احنا النهاردة قدام نقلة نوعية في العمليات الإرهابية .. انت النهاردة مش بتستهدف جنود وضباط شرطة أو جيش عشان نقول انه قتل على المهنة .. وبرضه مش بتستهدف كنيسة مثلا عشان نقول إنه قتل على الهوية للعب على وتر الفتنة الطائفية .. وحتى مش بتستهدف مسجد للشيعة ( احنا معندناش شيعة أصلا) عشان نقول إنه قتل على المذهب .. انت استهدفت ناس مدنيين عاديين ، وكمان كانوا بيصلوا الجمعة في مسجد !! يعني انت بتقول للعالم كله انه لا فرق عندك بين العسكري والمدني أو بين المسلم والمسيحي ، فالجميع بالنسبة لك كفار دمهم حلال !!
طيب اللي خطط واللي أمر بعملية زي دي كان هدفه إيه ؟ وكان مستني من وراها إيه ؟
انت النهاردة كفصيل إرهابي قذر بتفقد أي تعاطف معاك سواء على المستوى المحلي أو الدولي .. وبتفقد أي حاضنة شعبية ممكن تكون بترتكز عليها في حربك ضد الدولة المصرية ، لأنه مفيش عاقل ممكن يتعاطف مع واحد بيضرب مسجد بالمصليين الآمنين اللي فيه .. بل انت كده خلقت حالة تار بايت بينك وبين سكان سيناء وحولت أغلب سكان سيناء تلقائيا إلى أعداء دائمين ليك ، وخليتهم يبقوا مع الجيش المصري قلبا وقالبا .. يعني منطقيا الحادث الارهابي ده هيكون ليه نتائج عكسية سيئة جدا عليك وعلى جماعتك ..
طيب عملت كل ده ليه ؟؟؟
انا مش قادر أشوف غير إن الحادث ده جاء كرد فعل إنتقامي إرتجالي على الصفعة اللي وجهتها المخابرات المصرية لأطراف المؤامرة بعد كشف شبكة التجسس لصالح تركيا .. وكمحاولة لإجهاض النجاحات السياسية والديبلوماسية اللي حققتها الدولة المصرية في الأيام القليلة الماضية من رعايتها للمصالحةل الفلسطينية ورعايتها للمصالحة في جنوب السودان ، ودورها البارز في تهدئة الأزمة اللبنانية وأيضا لنجاح قمة شرق المتوسط بين مصر وبين كل من قبرص واليونان
بعيدا عن الانفعال والشحن الزائد ، وبعيدا عن حالة الحزن العارم اللي انتابتنا جميعا على شهداء اليوم اللي بلغ عددهم حتى الآن أكتر من 230 شهيد من المدنيين المسالمين الآمنين .. أرى ان حادث اليوم هو نوع من اليأس الشديد والانتحار السياسي الذي أقدمت عليه جماعات الارهاب المتدثر بالدين..لقد أصبحت اليوم أكثر قناعة بان الارهاب بقى يائس ، واصبح غير قادر على مواجهة الاقوياء ، وبيقتل بكل غل و وحشية الأبرياء الآمنين الغير مسلحين، بلا أي فرق بين مسلمين أو مسيحيين ..
تعظيم بيوت الله وإجلالها وإعمارها بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن هي قيم عليا في الإسلام لا ينكرها إلا تلك التنظيمات الإجرامية التي أضحت المساجد أداتها في قتل المصلين وترويع الآمنين، وهو ما يفضح العقيدة الفاسدة والفكر المعوج الذي تنتهجه تلك الشرذمة، والتي ترتكب الجرائم والأعمال الإرهابية ثم تلهث للبحث عن مخرج شرعي يبرر لها جُرمَها ويُكسِبها شرعية دينية في أعمالها تلك، وفي الأخير لا تقدم سوى قولاً سقيماً ودليلاً مكذوباً وتفسيراً شاذاً لا ينطلي إلا على بعض ضعاف العلم من الشباب حديثي السن